يمتلك الفرد العديد من العلاقات الاجتماعية التي تربطه مع مجتمعه بدءا من الأسرة ورمزية الوالد وصورة الأم الحنون إلى الأخوة والأخوات إلى زملاء العمل وإلى العديد من علاقات التي تجمعه مع الأصدقاء فلكل شخص مسافة يتموضع بها بين أن يكون متعدد العلاقات وبين نطاقه قريب المدى أسرته وعمله.
يتشكل الإنسان بالتربية والمواقف والخبرات التي تمخض اختياراته وانتقاءاته فالتجربة الإنسانية هي معترك التفضيلات ومسرح الإختيارات بين ماضي وحاضر ومستقبل ورغد في العيش واتساع في الأفق بين السماء والأرض أحلام ننسجها على عواتق النسيان تارة وأصالة الواقع تارة أخرى.
لذلك النضج العاطفي يتشكل بناء على العديد من النماذج التي تتموقع من البدايات إلى النهايات بين الألم وبين الواقع بين الحب وبين الحياة نزهو بأنفسنا حد النسيان.
فالحياة تعطيني الانطباع الأول أو الأخير تجاه بوصلة تعددية الخيارات قرارتنا في موضع القدم على الرمال التي ترسم ملامح تشكلاتنا فنحن نقلب مواضع التربة بخصوبة أفعالنا إما التوسع وإما الضيق إما التقدم وإما التراجع.
أن تقول الكلمة المناسبة في الوقت المناسب بالطريقة المناسبة هو خيار قد يبني لك مجداً ويحقق لك غاية إنها بدايات ونهايات الأسئلة التي تجيب بها على إدراكاتك فإنما تدرك الواقع أو يدركك.
وأتحدث عن النضج العاطفي في مقالي ليس كمصطلح أو مفهوم، ولكن كوعي وتماهي مع الواقع فالحياة هي مزرعة التطبيق إما الحصاد وإما الكساد.
فكم من كلمة قالت لصاحبها دعني وكم من علاقة تهدمت على رؤوس أصحابها بسبب المواقف والقرارات العشوائية التي ليس لها موقع من الإعراب.
سوى انتشال الغوغائية وإبراز العشوائية في أسوء صور التعاطي مع الواقع بعض الكلمات عنوانها المناسب (في وقت لاحق).
لذلك بعض العلاقات تفشل بسبب التسرع، فالمشاعر أسمى على الإنسان من أن يعبث بها بطريقة لا تليق بها.
فكم من كلمة عفوية تجاهك بنيت عليها قصورا وأحلاماً وردية وما هي إلا كلمة وصفية لا أقل ولا أكثر أجعل لمشاعرك منزلة أمام تقديرك لذاتك ولا تعير أي كلمة مدح موضع الأمل بقدر العمل والتفاني لا تبني من تصوراتك أفعال تداوي بها جراحك، ولكن أجعلها صرح يكون لك الأمل والحياة.
لا تبتغي العزة من الفكرة، بل اجعله الإيمان يقودك إلى أن تسمو بالإخلاص والاستمرارية إلى همة تعتلي بها القمة التي تتسع للجميع.
فالإنسان عدو ما يجهل فلا تكن كلمات المدح لقلمك أيها الكاتب سوى دافع للعطاء فالحياة سوف تعطيك بقدر مكتوب عند مالك السماوات والأرض يسخر الدنيا لك بناء على حكمته وعدله.
قلمك الذي عكس تجاربك وخبراتك وعلمك هو وسام تفتخر به فلا تجعل كلمات الإطراء لكتابك أو مقالك قرار، بل اجعله صورة تستزيد منها واقتبس هذه المقولة الرائعة للكاتب المسرحي توم ستوبارد (النضج هو الثمن الذي يجب دفعه مقابل النمو).
فالكاتب يكتب بتلقائيته ولا يتصنع وإن جاءت كلمات المديح فيعني وصولك للقارئ الذي استفاد واستزاد علماً نافعاً انتفع به عبر مداد قلمك، لربما أن كلماتك جاءت على الجرح أو رسمت طريقاً ينجو به من تأثر بفكرتك ربما اقتباس أو مقولة ملهمة تذيلها في مقالك تبدل من حال إلى حال.
لذلك كن كما أنت ولا تتسرع في مشاعرك تجاه أي شخص فكلماتك هي الملهمة وبطبيعة الحال سوف تكون مرآة لذلك الإلهام الذي آمنت به.
فالنضج العاطفي هو أن تكون مشاعرك ملائمة للموقف وليست تخيلاتك الأدبية التي اعتدت على قراءتها بين طيات رواية لأديب سطر التاريخ له مجداً فالأدب يرسم الواقع بريشة وصفية ساحرة قد تتنقل بين عوالم مختلفة بين سطر، وآخر، وكلمة وأخرى.
فلا تفقد طريق الحياة بين الأوراق التي عكست ذلك الطهر وإنما بلور نقاء امتداد كلماتك فالحياة ليست شاعرية إلى تلك المنزلة.
هي مراحل تتوالى عليك وتزدهر وترتدي أجمل الحلل بناء على ما تقرأه فهو ما يغذي بصيرتك ويرتقي بذائقك فالكتب التي قرأتها في مرحلة سابقة من الطبيعي أن تكون بدائية الآن.
وكذلك العاطفة هي طريقة إما للنجاة أو الغرق، ولا تنسي أن لكل مرحلة خصوصية فأنت ابن التجربة التي صنعتك واشتد ساعدك بأفكارك التي تريد أن تنفع بها وطنك ومجتمعك.
لا تخلط بين الواقع وانعكاسات قلم مرهف وإنما اجعل لنضجك العاطفي مكانة عميقة في قرارتك وتصرفاتك، فالحياة هي مبلغ الغايات ومصنع الهمم كن كما انت ولا تستعجل اللحظة واجعل لكل حادث حديث.
تحمل مسؤولية عواطفك ولا تلقي باللوم على غيرك فالاهتمام بمشاعر الآخرين وإعطائهم مساحتهم الكافية هو تقديرك لقلمك. وكما يقول ألبرت انشتاين (أعيش في تلك الوحدة المؤلمة في شبابي، ولكنها لذيذة في سنوات النضج)