أبجديات النجاح

حوار مهني:الكاتبة الصحفية والمستشارة التقنية فدوى البواردي

ضيفتنا اليوم هي أول سعودية تحقق إنجازات في مجال ذكاء الأعمال، كما أنها كاتبة في مجال التقنية والتخطيط الاستراتيجي في صحيفة مال السعودية وصحيفة البلاد البحرينية، وسابقا في صحيفة الجزيرة السعودية، وهي المؤسس والرئيس التنفيذي لمكتب فدوى سعد عبد الرحمن البواردي للاستشارات في تقنية المعلومات.

بداية كنتي شاهدة عيان على أبرز التحولات والمحطات في عالم التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية كيف كانت رحلة التحول الرقمي وكيف تم تحقيق تلك المستهدفات؟

كان التحول الرقمي في المملكة محدود في قطاعات قليلة، قبل رؤية 2030، وبعد انطلاق الرؤية، أصبحت هناك استراتيجيات رقمية ذات مستهدفات واضحة في جميع الجهات الحكومية في المملكة تعمل على توطين التقنيات، وزيادة الانتاجية عبر الحلول الرقمية، وبناء القدرات الوطنية، وخلق فرص عمل لابناء وبنات الوطن في القطاعات التقنية المختلفة، وزيادة مشاركة المراة في سوق العمل ومنها القطاع التقني. وبالاضافة إلى ذلك، بدأت مراحل تخطيط وتنفيذ مدينة نيوم الذكية المستقبلية والتي تعتمد على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة بشكل كامل مثل التقنيات المالية والذكاء الاصطناعي وإنترنت الاشياء والدرونز الذكية وغيرها.

وجميع تلك الجهود هي لتعزيز الاقتصاد الرقمي كأحد روافد الاقتصاد غير النفطي في المملكة، ورفع مشاركته في الناتج المحلي الاجمالي من 13% إلى نحو 19% خلال السنوات القليلة القادمة.  كما أنه تم تعزيز البنى التحتية الرقمية في المملكة، وايضا تم اعتماد وتنفيذ وتطوير الحكومة الرقمية والتي تطبق مفهوم “الحكومة الذكية المتكاملة”، عبر تقييم وتحديد الوضع الراهن للجهات الحكومية وقياس تحولها الرقمي عبر إطار عام موحد لضمان تحقيق التحول الرقمي في جميع مراحله.

وبالفعل، فقد أصبحت التعاملات رقمية في أغلب الهيئات والجهات الحكومية، بدلا من المعاملات الورقية في الماضي، واصبحت هناك منصات وتطبيقات رقمية ذات نجاح استثنائي، ساعدت على استمرارية الاعمال وتوفير الوقت والجهد للمواطنين والمقيمين، مثل منصة ابشر وصحتي ومنصات العمل الحر واستخراج التصاريح التجارية ووصولا الى وجود محكمة افتراضية وغيرها من المنصات.

وقد حصلت المملكة على المركز الأول عربيا والثالث دوليا في مؤشر نضج الحكومة الرقمية في عام 2022، كما حققت المملكة تقدما استثنائيا في مؤشر الأمن السيبراني حيث حصلت على المركز الثاني دوليا في عام 2021. وكذلك، ومن المحطات الهامة لأبرز التحولات التقنية في المملكة هو انشاء الهيئة الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” في عام 2019، واستضافة المملكة للعديد من القمم والمنتديات التقنية الدولية في العاصمة الرياض مثل القمة العالمية للذكاء الاصطناعي ومؤتمر ليب والمنتدى الدولي للأمن السيبراني والهاكثونات التقنية المختلفة وغيرها من الفعاليات الدولية.

ومن سبل تحقيق مستهدفات رؤية 2030 في تعزيز الاقتصاد الرقمي كذلك هو انشاء الاكاديميات التعليمية الرقمية لزيادة المهارات والقدرات الرقمية لابناء وبنات الوطن مثل اكاديمية طويق وسدايا وابل وميتافيرس وغيرها.

حدثينا عن مبادرة توطين التقنية وأهدافها؟

تماشيا مع رؤية 2030، تبذل المملكة جهودا كبيرة من أجل توطين التقنية، من خلال وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وكذلك من خلال صندوق الاستثمارات العامة.

ومن أحد تلك الجهود إطلاق وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات لمبادرة “توطين مراكز التقنية” بالتعاون مع نحو 12 شركة سعودية كبرى، وتهدف هذه المبادرة إلى تأهيل وتطوير الكفاءات الوطنية في مجالات التقنية الناشئة، واستحداث وظائف نوعية تقنية، ورفع نسبة الاقتصاد المناطقي، ورفع مساهمة القطاع التقني في الناتج المحلي الإجمالي.  والأثر المتوقع بنهاية عام 2025 هو توفير 5000 فرصة وظيفية مباشرة وغير مباشرة، وكذلك زيادة ما يقرب من 1 مليار ريال في مساهمة القطاع التقني في الناتج المحلي الإجمالي، وغيرها من الجهود الكبرى للوزارة.

وكذلك، هناك جهود لتوطين التقنية من خلال صندوق الاستثمارات العامة، والذي من أحد أهداف برنامجه هو “توطين التقنيات والمعرفة” في قطاعات “الاتصالات والإعلام والتقنية”. ومن هنا جاءت مبادرتا “تطوير قدرات الابتكار في المملكة من خلال توطين قطاع التكنولوجيا وتطوير قطاعي الاتصالات والإعلام”، وكذلك “تعزيز مكانة صندوق الاستثمارات العامة كمؤسسة رقمية رائدة فكريًا في المستقبل” نظرًا لأهميتها الكبيرة في تحقيق العوائد وبناء اقتصاد مستدام للمملكة وتعزيزه، فضلاً عن المساهمة في نجاح برنامج جودة الحياة في المملكة. وقد تم إحراز الكثير من التقدم في مبادرة “تطوير قدرات الابتكار في المملكة من خلال توطين قطاع التكنولوجيا وتطوير قطاعي الاتصالات والإعلام”، بعد إنشاء الشركة السعودية لتقنية المعلومات “سايت” لتوفير الأمن السيبراني الآمن الحوسبة الرقمية والحلول التقنية المهمة للجهات الحكومية والخاصة في المملكة، وكذلك تم مؤخراً الإعلان عن إنشاء الشركة السعودية  للذكاء الاصطناعي “سكاي”، وغيرها من الجهود الكبرى للصندوق.

ما هو دور الشركة السعودية لتقنية الذكاء الاصطناعي في دعم قطاع الطاقة والمدن الذكية والرعاية الصحية؟

بدأت الشركة السعودية للذكاء الاصطناعي ” سكاي” عملها في شهر يناير 2022، وهي شركة تعمل على تقديم حلول متنوعة في قطاع الذكاء الاصطناعي لمجموعة من القطاعات ذات الأولوية في السعودية مثل قطاع الطاقة والرعاية الصحية، وتقدم كذلك الخدمات والحلول الذكية في قطاع الذكاء الاصطناعي للمدن الذكية.  وتعمل الشركة كذراع لصندوق الاستثمارات العامة في قطاع الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة، حيث تقوم بتطوير وتوطين أحدث التقنيات والمعرفة، وبناء شراكات إستراتيجية تسعى من خلالها إلى بناء قيمة مستدامة في تلك القطاعات، والمساهمة في استحداث قدرات ومبادرات وحلول وطنية تدعم هذه القطاعات الحيوية.

كيف يتم تعزيز الاستثمار في قطاع تقنية المعلومات وماهي أبرز المخاطر الاستثمارية فيه؟

اغتنام فرص الاقتصاد الرقمي يعتمد بشكل كبير على ثقة المستثمرين في البيئة الرقمية بالمملكة، وعلى كونها مثالا يحتذى به في تطبيق أفضل الممارسات في قطاعات التقنية والمعلومات والاتصالات، وهذا جميعه ينسجم تماما مع وصول المملكة إلى مراكز دولية متقدمة في المؤشرات العالمية الرقمية حيث أن المملكة تصدرت مجموعة دول العشرين في النمو الرقمي حيث حصلت على المركز الثاني في مؤشر التقنية العالمي، وحصلت كذلك على المركز التاسع عالمياً في محو الأمية بالمهارات الرقمية، والمرتبة التاسعة عشر في قائمة اكبر اقتصادات العالم.

ويتم تعزيز الاستثمار في قطاع تقنية المعلومات أيضا من خلال جهود المملكة وإعلانها عن العديد من المشروعات الاقتصادية العملاقة والضخمة في جميع أنحاء المملكة، والتي تتطلب وجود بنى تحتية رقمية متطورة تشمل شبكات الجيل الخامس الحالية 5G والجيل السادس المستقبلية 6G، والذكاء الاصطناعي، وانترنت الاشياء.

 وجميع تلك المشروعات الضخمة، خلال السنوات القليلة القادمة، هي بمثابة الوقود الذي يساعد على الاستدامة الاقتصادية من خلال بناء الشراكات الدولية الكبرى، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية مع جهات عالمية ورائدة في صناعة التقنية، ووجود مراكز اقليمية لأكبر الشركات التقنية العالمية في العاصمة الرياض، وكذلك بناء مراكز ومعامل للابتكار ومؤسسات للتدريب والتطوير بمختلف القطاعات التقنية حول العالم.

من أجل بناء وتأهيل الطاقات البشرية والقدرات الوطنية من المبتكرين والمبرمجين والرياديين، وكذلك دعم منظومة الأعمال الرقمية، وتمكين المجتمع التقني والتحول الرقمي، تماشيا مع رؤية 2030. وبالتالي، لا أرى أي مخاطر استثمارية لهذا القطاع في المستقبل.

  وبصفة عامة، فإن الاستثمار في تقنيات الثورة الصناعية الرابعة يشمل توطين تلك التقنيات في جميع القطاعات وتشجيع الأفكار الخلاقة والابتكارات الوطنية من خلالها، ومنها قطاعات التقنيات المالية والرعاية الصحية والسياحة والترفيه والتعليم والتجارة والزراعة والصناعة والطاقة والمدن الذكية والنقل والقطاعات العسكرية والأمنية وغيرها من القطاعات الحيوية الأخرى.  

ما تأثير التحول الرقمي على قطاع الترفيه والسياحة بالأرقام وماهوا أكثير القطاعات استثماراً للذكاء الاصطناعي؟

في شهر فبراير من عام 2022، أطلقت وزارة السياحة “إستراتيجية السياحة الرقمية” في المملكة، ضمن جهود وخطط الوزارة لتنمية قطاع السياحة المحلية. وقد نجحت وزارة السياحة على جذب 100000 سعودي للعمل في قطاع السياحة من خلال برنامج”مستقبلك سياحة”. كما طورت الوزارة المنصة الرقمية للتدريب التابعة لوزارة السياحة، وتجاوز عدد المسجلين 226,000 ألف متدرب، لتطوير المهارات وكفاءة العمل حيث استفاد منها أكثر من 110,000 موظف وباحث عن فرصة عمل، وغيرها من الجهود الرقمية.

ومن جهة أخرى، حصلت الهيئة العامة للترفيه، من خلال دعمها للتحول الرقمي في المملكة، على شهادة الجودة في نظام إدارة خدمات تقنية المعلومات أيزو، وذلك عقب تحقيقها الكفاءة العالية في الحلول التقنية التي تسهم في تطوير منظومة قطاع الترفيه وفقًا للمواصفات العالمية.

ومن أدوات استخدام البيانات الضخمة في قطاع الترفيه والسياحة، هو ابتكار وبناء العديد من التطبيقات والخدمات التي تعتمد على تقنية الذكاء الاصطناعي لتعزز من نجاح القطاع السياحي وريادة الأعمال، من خلال عرض تلك البيانات في مواقع الإنترنت أو تطبيقات الميتافيرس أو تطبيقات الهاتف المحمول بشكل يُسهل للأفراد والسائحين البحث عن الفعاليات والمناطق السياحية والترفيهية للذهاب إليها، واستخدامها من أجل تحليل تلك البيانات الضخمة والتنبؤ المستقبلي بالمؤشرات الناجحة لتشجيع السياحة وتعزيز التراث الوطني والترويج الناجح للقطاع السياحي والترفيهي، محلياً ودولياً.

وبصفة عامة، التحول الرقمي له تأثيرا كبيرا في جميع القطاعات، ومنها قطاعات التقنيات المالية والرعاية الصحية والتعليم والتجارة والزراعة والصناعة والطاقة والمدن الذكية والنقل والقطاعات العسكرية والأمنية وغيرها من القطاعات الحيوية الأخرى.  

اقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي هل هم مرادفين لفكرة واحدة أم أن هناك اختلافات وكيف نستفيد من افتصاد المعرفة في الاستثمار في المواهب والأعمال المستقلة مثل تقديم الخدمات عن بعد وما افضل التقنيات التي نستطيع فيها تعظيم الاقتصاد المعرفي؟

هناك فروقات أساسية بين اقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي، رغم وجود بعض النقاط المشتركة ذات الصلة بينهما.

يعتمد اقتصاد المعرفة على سهولة الوصول إلى المعلومات وتوفرها، وكذلك الابتكارات والاكتشافات والبحوث العلمية، وتحويلها من أفكار إلى منتجات وسلع فعلية ذات قيمة عملية يتم الاستفادة منها وتسجيلها ضمن حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع.  ويتم الاستفادة من اقتصاد المعرفة عبر الاستثمار في المدارس والجامعات والاكاديميات والتعليم الحضوري، وكذلك الجامعات الالكترونية ومنصات وتطبيقات التعليم عن بعد.  ويتم الاستفادة أيضا من خلال دعم المواهب في تلك المدارس والجامعات، ودعم المبتكرين والمبدعين واتاحة لهم فرص تقديم أفكار خلاقة وتنفيذها، وتشمل فرص الابتكار الاجتماعي من تطبيقات واختراعات وخدمات مختلفة.

أما الاقتصاد الرقمي، وهو يطلق عليه كذلك “الاقتصاد الجديد” أو “اقتصاد الانترنت”، فهو الاقتصاد الذي يعتمد على الأنشطة الاقتصادية ذات الصلة ب التقنية الرقمية، بدءاً من التجارة الالكترونية حتى المدن الذكية، ويتضمن كذلك اقتصاديات العمل عن بعد، والتعليم الآلي عبر الانترنت، والملفات الصحية الإلكترونية الخاصة بالرعاية الصحية، والبيع بالتجزئة إلكترونيا، واستخدام المركبات الذاتية التشغيل، وتطبيقات الهواتف المحمولة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الاشياء، وغيرها من الانشطة ذات العلاقة.

هل الاعتراف بالجامعات الإلكترونية التي تقدم التعليم عن بعد بشكل كامل يسارع في وتيرة التحول الرقمي؟

بالتأكيد.

وصلت المملكة إلى المركز الثاني في مجموعة الدول ال 20 في مؤشر التقنية العالمي، ما دور بناء البنية التحتية التقنية المستدامة والهاكثون في سير تلك المنظومة؟

الاجابة على هذا السؤال متضمنة في السؤال السابق: “بداية كنتي شاهدة عيان على أبرز التحولات والمحطات في عالم التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية كيف كانت رحلة التحول الرقمي وكيف تم تحقيق تلك المستهدفات؟”

ما دور التخصصات التقنية المتاحة لتأهيل الأبناء في تطوير التقنيات والتحول الرقمي؟

المملكة تتصدر منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في المهارات التقنية، وتعمل المملكة على أن تصبح أكبر مركز تقني إقليمي خلال السنوات القليلة القادمة، خصوصاً في ظل استثماراتها الرئيسية الأخيرة في توطين تقنيات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المالية والأمن السيبراني، ودعم اكتساب أبناء وبنات الوطن لمهارات علوم البيانات والتعلم الألي والتطبيقات الذكية، وصناعة وبرمجة الروبوتات والدرونز الذكية، والميتافيرس وتشمل الواقع الافتراضي والواقع المعزز.  واكتساب جميع تلك المهارات يعود بالنفع استراتيجيا على اقتصاد المملكة حيث يعتمد سوق العمل على وجود تلك المهارات وبالتالي خفض نسبة البطالة حسب رؤية 2030 وكذلك زيادة مشاركة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الاجمالي.

ما دور تقنيات الواقع الافتراضي وتعلم الآلة والروبوتات على تعظيم إدارة المنافع الإستراتيجية لقطاع تقنية المعلومات؟

الاجابة على هذا السؤال متضمنة في السؤال السابق: “ما دور التخصصات التقنية المتاحة لتأهيل الأبناء في تطوير التقنيات والتحول الرقمي؟”

هناك العديد من الخبراء والمهنيين والأكاديميين والباحثين الذين لديهم من العلم والمعرفة ما يمنحهم من تطوير الممارسات المهنية والمعرفية هل استثمارهم في إنشاء مواقع إلكترونية ومدونات والتعاقد مع مستقلين يكتبون المقالات والدراسات المنهجية وفق تقنيات ال SEO) )لكي تتصدر تجاربهم وممارساتهم المهنية محركات البحث يساهم في الوعي ويعمل على استدامة المعرفة المنهجية عوضاُ عن التشتت في معلومات جوجل المتناثرة؟

بالتاكيد.  تلك المشاركات تزيد من الثقافة والمعرفة في جميع التخصصات.

كلمة أخيرة تودين أن تنهي فيها الحوار؟

شكرا جزيلا على الدعوة الكريمة للمشاركة في هذا الحوار الثري.  مع وافر التحية والتقدير.

#vision2030

#artificial_intelligence

#smart_cities

كاتب محتوى

مدّوِن وكاتب محتوى، هوايتي جمع الأحرف المتناثرة وصنع المعنى.
زر الذهاب إلى الأعلى