حوار مهني: المستشار عبد العزيز آل محسن
حوارنا اليوم مع مستشار إدارة وتطوير الأعمال عبد العزيز آل محسن يأخذنا إلى رحلة ممتعة بين التطوير والقيادة وإدارة المخاطر وصلاً إلى تحقيق الأهداف في المنظمات وكما يقول الغاية الغير مخطط لها حلم، قراءة ماتعة.
بداية ما هو مفهوم تطوير الأعمال وماهي مرتكزاته؟
الانتقال من الوضع الراهن إلى الوضع المستهدف وفق استراتيجيات وإجراءات مستمرة سواءً كانت للخروج من أزمة وقعت فيها وفق العمل بنمط إداري غير مناسب أو باتخاذ قرارات خاطئة أو استراتيجية لم تكن مناسبة منذ البداية! أو حتى للتنمية والتوسع وخلق فرص جديدة.
ويرتكز على المعرفة الجيدة للواقع وكشف الفرص المحيطة ووضع الاستراتيجية المناسبة وفق المعطيات المتاحة والمعطيات التي يمكن الوصول لها فالتطوير الحقيقي يتم من خلال الاستفادة القصوى من الموجود ومما يمكن الوصول له مما حولنا فإذا ما أردنا تحديد النطاق فهو (خارجي: السوق، المنافسين، الفرص، التهديدات/ داخلي: الاستراتيجية ومنها الأهداف، الموارد البشرية والمادية، التقنية، كافة الأدوات من مهارات وغيرها، نقاط القوة والضعف).
هناك تغريدة تشكر فيها مقدموا المنتجات والسلع ذات الجودة العالية وكذلك المحتوى الجيد ولكل الجهات التشريعية التي تساهم في هذه العملية إذن ماهو مفهوم جودة الحياة من وجهة نظرك؟
هو مستوى عالي من الرضا للفرد في بيئة صحية سليمة يصل له من خلال أنماط حياة إيجابية تمسه بشكل مباشر يشارك فيها بقطاعاتها المختلفة وأعمالها ذات الجودة العالية التي تنعكس عليه مما يجعله يزيد من إنتاجيته ويعيش جودة الحياة بتفاصيلها، ولذلك “جودة الحياة” هو أحد برنامج رؤية السعودية 2030م.
كيف يتم تحقيق الحوكمة وإدارة المخاطر من ناحية الامتثال والمتابعة؟
من خلال تكامل نموذج قدرات الحوكمة وإدارة المخاطر والامتثال (GRC) المكون من أربع مكونات متسلسلة ضمنياً إلا أنها تعمل بشكل متزامن وهي:
1/ الدراسة وهي فهم وتحليل الثقافة المؤسسية وأصحاب المصلحة والاحتياجات التي تمكن من فهم أهداف واستراتيجية المنظمة.
2/ التنسيق والذي يتم فيه ربط أهداف الأداء، وإدارة المخاطر، والالتزام، والاستراتيجيات ومعايير اتخاذ القرار، والإجراءات، والضوابط بسياق المؤسسة وثقافتها ومتطلبات أصحاب المصلحة لديها.
3/ التنفيذ الذي يحقق معالجة التهديدات والفرص والمتطلبات من خلال التشجيع على السلوك المرغوب به والأحداث المرجوة ومنع ما هو غير مرغوب به عبر تطبيق إجراءات وضوابط استباقية واستقصائية واستجابية.
4/ المراجعة من خلال تنفيذ أنشطة لمراقبة وتحسين التصميم والفعالية التشغيلية لجميع الإجراءات والضوابط، بما في ذلك التنسيق الدائم بين الأهداف والاستراتيجيات.
الذي يقدم إرشادات تمكن من تنفيذ نهج GRC ويحقق فهمًا مشتركًا للتواصل والسياسات والتدريب وفق عملية التحسين المستمر والمتكرر لتحقيق الأداء المنضبط، كما يمكّن اتباع هذا النهج من التماسك والتنظيم والترابط بين العمليات التشغيلية في المنظمة مما يضمن الوصول لتحقيق الأهداف.
ذكرت في مقالك في صحفية مال أن جوهر التحول هو إدارة الابتكار إذن ما هي الممارسات التي تحول تلك الأفكار إلى حزمة من الميزات والفوائد تصنع قيمة مضافة فضلاً عن تلبية الاحتياجات؟
إن التفكير الخلاق نقطة قوة وتميز بلا شك لكن التحدي الحقيقي هو في التنفيذ وكما يقول تومس اديسون أن الابتكار هو 1% إلهاماً وفكرة و 99% هو بذل وجهد، وإذا ما أردنا التنفيذ الصحيح الذي يعكس أثر الابتكار علينا أولاً تكوين انسجام وتناغم بين فريق الابتكار المختص وفرق الدعم المحركة للأداء بشكل مباشر وفعلي أي الإدارات ذات العلاقة في المنظمة وماهي المهارات المطلوب توافرها في هذه الفرق، كيف تبني أمر مستقبلي جديد مع القدرة على التخلي عن شيء من الماضي وكيف تتم الموائمة بين المهام المشتركة، إن فصل الاختصاص بين إدارة الابتكار والإدارات الأخرى مع خلق الموائمة والتناغم بينهم في التنفيذ هو أمر صعب لكنه قوي وممتع عند تحقيقه، ثم يأتي ثانياً اختبارات للنماذج الأولية وتجارب صغيرة تعطي مؤشرات حقيقية ودوافع للاستمرار او التغيير.
وفي نفس السياق إن الابتكار هو الشريان الحقيقي لأي منظمة للتكيف مع التغيير وخلق الفرص وضبط الجودة ماهي الإستراتيجيات الذكية بعيدة المدى التي تعمل على تمكين التحول التدريجي التصاعدي؟
إن الابتكار عمليات مستمرة وليست أفكار تأتي بين حين وآخر وهذا ما يدركه جيداً القادة الناجحين لذا كثيراً ما تجدهم يسعون للتحفيز على ذلك ودعمه، بل ويجعلونه جزء من استراتيجيات المنظمة بدءاً من الرؤية
وخلق الطلب في البيئة المحيطة لما ينعكس على البيئة الداخلية لتشكل طلب في الخارج ثم توفره (استراتيجية من الخارج إلى الداخل بطريقة منهجية)، إنه انسجام كامل للمنظمة مع البيئة المحيطة وفق ابتكاراتها، هي عمليات مترابطة لا يمكن حصرها في قسم أو إدارة بمعزل عن البيئة الخارجية فضلاً عن البيئة الداخلية، أما الاستراتيجية الثانية فهي جعل (الابتكار جزء من ثقافة المنظمة) وليس مجرد حملة مؤقته أو مشروع ينتهي الابتكار بنهاية المشروع، باستخدام حزمة من الأدوات والمهارات المتجددة لكل فرد في منظومة العمل مما يساعده على أداء أعلى يحقق جودة أعلى تساعد في تكامل المنظومة وجعل الابتكار من ثقافة المنظمة.
تقول بأنه حينما تقرأ أو تسمع كلمة (التغيير) يتبادر لذهنك فوراً أحد الأمرين أما واقع تعيشه أو مستقبل تريد أن تصل إليه إذن كيف يتم تحقيق التغيير طويل المدى هل بإنشاء الإستراتيجيات أم بإدارة المنافع أو استغلال المخاطر؟
الحقيقة أن التغيير مرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالأسباب والنتائج والأثر للنتائج لذلك لا يمكن عزله أو حصره فقط بأمر واحد! وعليه فإن الحديث عن التغيير طويل المدى وإن كنا في زمن التسارع و اختصار المسافات الزمنية فإننا نتحدث عن استراتيجيات متكاملة وحينما نقول متكاملة فإننا نعني من بنائها وحتى التنفيذ مروراً بالخطط التنفيذية والتشغيلية وعلى كافة المستويات وما يشملها من إدارة المنافع التي ماهي إلا أحد المنهجيات الاستراتيجية التي يتم فيها ربط الإجراءات والعمليات بأهداف ونتائج قابلة للتحقق والقياس فهي لا تركز على المخرجات فقط إنما على النتائج، ذكر استغلال المخاطر يعني النظر إلى الفرص ومدى تحقيقها والمخاطر المرتبطة بذلك وهذا لا يخرج عن إطار استراتيجيات المنظمة وكيف تسير في تحقيق ذلك.
نموذج كيرت لوين لمراحل التغيير الثلاثة (إذابة الجليد، والتغيير، وإعادة التجميد) ما مدى فعالية هذا النموذج في إدارة التغيير في المنظمات وهل لديك أمثلة واقعية عليه؟
نموذج لوين هو أحد نماذج عديدة لإدارة التغيير مثل نموذج كوتر والذي يقسم إدارة التغيير إلى ثمانية أجراء متسلسلة، ونموذج أدكار القائم على خمسة أركان رئيسية (الوعي، الرغبة، المعرفة، القدرة، التعزيز)، وكذلك نموذج ماكينزي القائم على سبعة عناصر (الاستراتيجية، البنية، الأنظمة، القيم المشتركة، الأسلوب، العاملين، المهارات) وغيرها، وجميعها تكون ذات فعالية عالية بنسب مختلفة من منظمة لأخرى بحسب تكوين كل منظمة ونمطها الإداري.
ولو أخذنا التحول الرقمي الذي نعيش ذروته سنجد العديد من الأمثلة التي مرت تفصيلاً بالتغيير بأي من النماذج المذكورة وغيرها، ولازلت أتذكر جيداً كيف نجحت أحد المنظمات في التحول الرقمي وأتمته لعملياتها وفق نموذج لوين حين وجدت المقاومة (وهو أمر طبيعي أمام كل تغيير) لكنها استطاعت إذابة الجليد ثم إعادة تشكيلة وذلك بتعديل السلوكيات اليومية البسيطة وكذلك بمعالجة مقاومة التغيير وذلك باستخدام أدوات بسيطة واحدة منها أنها أدخلت نظام المحادثة الفورية بين موظفيها مما خلق سلوك جديد لدى الفرد سهل استخدام النظام الإلكتروني المتكامل لاحقاً.
نصيحة إلى من يريد الدخول في عالم تطوير الأعمال وإدارة التغيير في المنظمات؟
لابد أن تكون قابلية التعلم لديك عالية ومثلها المرونة حتى تستطيع فهم المتغيرات السريعة في عالم الأعمال وخلق الحلول السليمة ذات الأثر الإيجابي الذي يحقق الأهداف، إن رفع الوعي يوسع الأفق ويجعل النظرة أكثر شمولية ووضوح مما يسهل التطوير والتغيير للأفضل من المستهدفات.
كلمة أخيرة تود أن تختم بها الحوار.
الكلمة الأخيرة هي الأولى .. ” ابدأ ثم استمر استمر استمر وخلال استمرارك حسّن وطوّر .. حينها لن تجني ثمره فقط بل ثمرات “