فلسفة نجاح
يعد تحقيق النجاح مطلب في عصر متسارع يضج بالحياة وتفاصيلها المتفاوتة ما بين مرحلة الدراسة والتخرج، والعمل، والزواج، وإلى لحظات وضع رأسك على الوسادة حتى تأخذ فاصل عميق للراحة من يوم حافل لتدرك اليوم التالي بنفس السرعة ولكن بأحداث مختلفة، وقد تتساوى فرص يومك إن كنت شخص روتيني أو سلمت نفسك للروتين طواعية منك، وكما قال باولو كويلو:((إن كنت تعتقد بأن المغامرة خطرة، فجرب الروتين فهو قاتل)).
لن أتحدث في مقالتي هذه عن النجاح وطرق تحقيقه والتغلب على الصعوبات فكتب تطوير الذات منتشرة في المكتبات، علاوة على أن النجاح لا يحتاج كلمات تحفيزية وكتيب إرشادي بقدر ما هو رغبة متقدة تدفعك للأمام، اود طرح نظرة شمولية أعمق عن النجاح عوضاً عن المصطلحات والثوابت الجامدة.
النجاح هو الرحلة الداخلية نحو نفسك التي أطلقتها في غمار الحياة بحثاً عن نجاح مهني، أو عمل خاص، أو الفوز بمسابقة من المسابقات، أو تقدير معنوي ترقبه من تضحياتك، جميعها طموحات وأمنيات مشروعة ولا ضير في ذلك، ولكنني أنوه إلى وجود أشخاص لم يستطيعوا أن يرتقوا بأنفسهم نحو أهدافهم التي رسموها ربما لخلل في التنفيذ أو كثرة التسويف أو تحت أي مسوغات أخرى فالنجاح يجب أن يوضع في مساحات أكثر اتساعاً ورحابة من ميادين العمل والكفاح فقط.
حينما ينظر الإنسان إلى نفسه يدركها بعوامل مختلفة يتأثر ويؤثر بها، مثل حجم العلاقات الشخصية فرب رجل كانت كلمته طيبة آسرة تملك القلوب وتجعل الناس تدعوا له، وكم من رجل كان يتصدق بالخفاء فلا يكاد يمر بأزمة إلا وخرج منها بطريقة لم يكن يتوقعها، وكم من شخص رُزقه الله رضا الوالدين فكانت حياته تحت كنفهما آخاذة براقة وعامرة بالحياة.
الإنسان ليس آلة وظيفتها الصمود والاستمرارية لتنفيذ النجاحات المتوالية بقدر ما هو كائن ينبض بالحياة فإن أحب الإنسان الحياة حتماً سيرى أبسط الطرق تؤدي إلى النجاح، الأمور الصغيرة هي التي تكبر وتكون نظرة الإنسان تجاه إيقاعات الحياة المختلفة، شرب كوب قهوة مع الأصدقاء، و حضور فعالية معينة، و الخلوة بكتاب وعبادة يجعلها خبيئة بينه وبين ربه، وغيرها من الأمور والتي ظاهرها ليس نجاح شخصي وإنما عوائدها لا تدرك إلا من الداخل من منطلق وحي اهتماماتك وأسلوب شخصيتك، فالقلب إن كان بستان فقد أسدلت ستائر الرضا المكتسب عن النفس التواقة لمعالي الأمور.
إن المسميات المطلقة التي يركز عليها الشخص ولا يلتفت لغيرها هي ما تستنزف طاقته التي يجب أن يستثمرها في جانب آخر من جوانب الحياة المتعددة، والمتغيرة، والمتجددة، والأصل في الحياة التغير والبناء وليس الجمود حتى الأشجار إن عُمرت ستموت وافقة فالحياة مراحل مختلفة ودروب متنوعة.
تحقيق الطموحات مطلب وغاية تبنى بالعمل الدؤوب وبالهمم التي تصبو بالمعالي نحو القمم ولكن لا تغرق في التصنيف الذي لا يمت لك بصلة، بل انظر إلى جانبك الإيجابي وتناغم معه ومارس الغوص في أغوار نفسك ومع المحاولة والخطأ سوف تصل ولكن ترفق بحالك فالنجاح ليس له فلسفة معينة وإنما النجاح هو مبادرة منك لاكتشاف نفسك وسماع صدى الصوت الذي في أعماقك.
قد نعيش في عالم يجب أن نمتلك فيه الحد الأعلى من الصمود والقوة لكي نواجه متقلبات الحياة ولكن ليس ضرورياً أن نجعل النجاح غاية نموت من أجلها بقدر التفاني في رؤية أنفسنا بالمنظار الصحيح الذي لا تحدده بوصلة أو وسيلة وإنما عظمة الشعور تجاه الذات هي التي تسوقنا نحو فردانية الاختيار وأسلوب النجاح.
(نعيش في عالم يجب أن نمتلك فيه الحد الأعلى من الصمود والقوة لكي نواجه متقلبات الحياة ولكن ليس ضرورياً أن نجعل النجاح غاية نموت من أجلها بقدر التفاني في رؤية أنفسنا بالمنظار الصحيح)
السطرين دي اختصرت الموضوع كله 😍
أبدعت في طرحك كالعادة أ. معتصم، بارك الله قلمك وفكرك..
دمت في حفظ الرحمن😇
شكراً على المرور وعلى كلامك الرائع.
مع أطيب تحياتي
صحيح استاذ معتصم لكل مسماه الخاص للنجاح لكن يظل النجاح الحقيقي الدائم هو الذي ينبع من الداخل ويشرق في الخارج.
لكن السؤال الرئيسي هنا هل الجميع مستعد للصبر على اكتشاف النجاح الداخلي في زحمة التركيز على ما هو ظاهر فقط؟
بالفعل النجاح الحقيقي الدائم هو الذي ينبع من الداخل ويشرق في الخارج إضافة قيمة للموضوع.
مع أطيب تحياتي