مقالاتي

ثقافة الإعتراف بالخطأ

الاعتراف بالخطأ هو سلوك إنساني قويم يمكنك من التحلي بالشجاعة أمام نفسك وبالتالي استمرارية الوضوح في علاقاتك الإنسانية التي يحكمها مدى النضوج والوعي الذي تملكه.

فالإصرار على عدم الاعتراف بالخطأ أو استخدام السلوكيات المضادة في تبرير ارتكاب الأخطاء وتعليقها في شماعة الأعذار الواهية هو هروب من المشكلة والتي تؤدي إلى تحجيم إدراكك للوقائع التي تتفاعل معها.

فالشخص الذي يحب أن يظهر بمظهر الإنسان الذي لا يرتكب الأخطاء، لن يكون مقبولاً أمام الآخرين فالاعتراف بالخطأ هو حكمتك من المواقف التي تمر بها ومن ثم تكمل المسير.

هناك أخطاء مقصودة مثل الجرائم بكافة أنواعها، والتي يعلم مرتكبها بخطأ فعله ولكنه يصر على عملها لأسباب تتعلق به، فالجزاء يكون هو العقاب المنصوص عليه حسب الجريمة التي ارتكبها، لذلك تسمى مقصودة لأنها ارتكبت مع سبق الإصرار، وهناك أخطاء غير مقصودة قد تتسبب في إيذاء نفسي للأخرين.

تأتي الأخطاء مع التجربة البشرية في الحياة، من لا يعمل لن يخطئ، وكما قال باولو كويلو ((إن الوسيلة الوحيدة لاتخاذ القرار الصحيح هو الاعتراف بالقرار الخاطئ)) لذلك لابد أن نواجه انفسنا بالاعتراف بالأخطاء ومن هنا تنبثق معايير الاعتذار السامية التي تعطي للشخص مكانة ومنزلة رفيعة لدى الناس، فالشخص الذي لا يتعذر عن أخطاءه التي تسببت بالإيذاء النفسي تجاه الآخرين لا يستطيع أن يملك روابط تقدير الناس له.

تحمل المسؤولية هو من إحدى أسباب الاعتراف بالخطأ، ان تكون مسؤول أو قائد يجب أن لا تلقي اللوم على الآخرين تجاه أخطائهم، او ترمي اللوم على الموظفين، فاعترافك بخطئك يكسبك وسام التقدير من الجميع وكما يقال ليس هناك خطأ أكبر من عدم الاعتراف بالخطأ.

سواء الناجحين أو العظماء أو من سطر لهم التاريخ مجداً يحتذى به هم اكثر الناس اعترافا بأخطائهم، فحين تغيير قناعة معينة او فكرة تتعلق بمجالهم تجد أنهم يصححون تلك المفاهيم للجمهور، حتى يوضحوا لهم نهجم وأسلوبهم، فهم يمتلكون الشفافية المطلقة لتوجيه أخطائهم وبلورتها نحو اكتشاف ذواتهم من جديد فالاعتراف ميزة وليست شيء يدعوك للخجل.

ان تمتلك الشجاعة للاعتراف بأخطائك، هو طريق قويم نحو النجاح المستمر، وبناء أسس للعلاقات الاجتماعية المتينة، فليس هناك إنسان معصوم من الخطأ.

من أدبيات الاعتراف بالخطأ هو تطبيق مبدأ الاعتذار تجاه من أخطأت بحقهم، فالاعتذار من شيم الرجال وهو وسيلة لكسب المحبة والتقدير، وهو ضروري لكي لا تقع فريسة لمحاولة التبريرات الغير مقنعة والواهية عن الأخطاء المرتكبة وتعليقها تحت شماعة الكبرياء، هو تصرف لا يمت للإنسانية بأي صلة فالجميع يريد أن يأخذ حقه من التقدير والاحترام.

من تخطأ بحقه يجب عليك أن تقدم له اعتذار يليق بحجم ما تسببت له من ضرر، كلنا نخطئ ولن نتوقف عن الخطأ ما دمنا نتنفس الهواء، وكما قال الإمام مالك رحمه الله (( كل أحد يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر)) يعني النبي صلى الله عليه، ولكن ستقل اخطاءنا مع الخبرة وسوف يختلف نوع الخطأ المرتكب ولكن يجب الاعتراف بالخطأ والاعتذار عما بدر منا، لنشر المعاني السامية في الحياة وتحقيق التوازن في طبيعتنا الإنسانية نحو تصرفاتنا وأخلاقنا.

 

كاتب محتوى

مدّوِن وكاتب محتوى، هوايتي جمع الأحرف المتناثرة وصنع المعنى.
زر الذهاب إلى الأعلى